فصل: تفسير الآية رقم (3):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجامع لأحكام القرآن والمبين لما تضمنه من السنة وآي الفرقان المشهور بـ «تفسير القرطبي»



.تفسير الآية رقم (53):

{وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (53)}
قوله تعالى: {وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ} أي بالله عز وجل وقيل: بمحمد {مِنْ قَبْلُ} يعني في الدنيا. {وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ} العرب تقول لكل من تكلم بما لا يحقه: هو يقذف ويرجم بالغيب. {مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} على جهة التمثيل لمن يرجم ولا يصيب، أي يرمون بالظن فيقولون: لا بعث ولا نشور ولا جنة ولا نار، رجما منهم بالظن، قال قتادة.
وقيل: {يَقْذِفُونَ} أي يرمون في القرآن فيقولون: سحر وشعر وأساطير الأولين.
وقيل: في محمد، فيقولون ساحر شاعر كاهن مجنون. {مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} أي إن الله بعد لهم أن يعلموا صدق محمد.
وقيل: أراد البعد عن القلب، أي من مكان بعيد عن قلوبهم. وقرأ مجاهد {ويقذفون بالغيب} غير مسمى الفاعل، أي يرمون به.
وقيل: يقذف به إليهم من يغويهم ويضلهم.

.تفسير الآية رقم (54):

{وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54)}
قوله تعالى: {وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ} قيل: حيل بينهم وبين النجاة من العذاب.
وقيل: حيل بينهم وبين ما يشتهون في الدنيا من أموالهم وأهليهم. ومذهب قتادة أن المعنى أنهم كانوا يشتهون لما رأوا العذاب أن يقبل منهم أن يطيعوا الله عز وجل وينتهوا إلى ما يأمرهم به الله فحيل بينهم وبين ذلك، لان ذلك إنما كان في الدنيا أو قد زالت في ذلك الوقت. والأصل حول فقلبت حركة الواو على الحاء فانقلبت ياء ثم حذفت حركتها لثقلها. {كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ} الأشياع جمع شيع، وشيع جمع شيعة. {مِنْ قَبْلُ} أي بمن مضى من القرون السالفة الكافرة. {إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ} أي من أمر الرسل والبعث والجنة والنار.
وقيل: في الدين والتوحيد، والمعنى واحد. {مُرِيبٍ} أي يستراب به، يقال: أراب الرجل أي صار ذا ريبة، فهو مريب. ومن قال هو من الريب الذي هو الشك والتهمة قال: يقال شك مريب، كما يقال: عجب عجيب وشعر شاعر، في التأكيد. ختمت السورة، والحمد لله رب العالمين.

.سورة فاطر:

سورة فاطر مكية في قول الجميع وهي خمس وأربعون آية.

.تفسير الآية رقم (1):

{الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (1)}
قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} يجوز في {فاطِرِ} ثلاثة أوجه: الخفض على النعت، والرفع على إضمار مبتدأ، والنصب على المدح.
وحكى سيبويه: الحمد لله أهل الحمد مثله وكذا {جاعِلِ الْمَلائِكَةِ}. والفاطر: الخالق. وقد مضى في يوسف وغيرها. والفطر. الشق عن الشيء، يقال: فطرته فانفطر. ومنه: فطر ناب البعير طلع، فهو بعير فاطر. وتفطر الشيء تشقق. وسيف فطار، أي فيه تشقق. قال عنترة:
وسيفي كالعقيقة فهو كمعي ** سلاحي لا أفل ولا فطارا

والفطر: الابتداء والاختراع. قال ابن عباس: كنت لا أدري ما {فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي أنا ابتدأتها. والفطر. حلب الناقة بالسبابة والإبهام. والمراد بذكر السماوات والأرض العالم كله، ونبه بهذا على أن من قدر على الابتداء قادر على الإعادة. {جاعِلِ الْمَلائِكَةِ} لا يجوز فيه التنوين، لأنه لما مضى. {رُسُلًا} مفعول ثان، ويقال على إضمار فعل، لان فاعلا إذا كان لما مضى لم يعمل فيه شيئا، وإعماله على أنه مستقبل حذف التنوين منه تخفيفا. وقرأ الضحاك {الحمد لله فطر السماوات والأرض} على الفصل الماضي. {جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا} الرسل منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، صلى الله عليهم أجمعين. وقرأ الحسن: {جاعل الملائكة} بالرفع. وقرأ خليد بن نشيط {جعل الملائكة} وكله ظاهر. {أُولِي أَجْنِحَةٍ} نعت، أي أصحاب أجنحة. {مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ} أي اثنين اثنين، وثلاثة ثلاثة، وأربعة أربعة. قال قتادة: بعضهم له جناحان، وبعضهم ثلاثة، وبعضهم أربعة، ينزلون بهما من السماء إلى الأرض، ويعرجون من الأرض إلى السماء، وهي مسيرة كذا في وقت واحد، أي جعلهم رسلا. قال يحيى بن سلام: إلى الأنبياء.
وقال السدي: إلى العباد برحمة أو نقمة.
وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى جبريل عليه السلام له ستمائة جناح. وعن الزهري أن جبريل عليه السلام قال له: «يا محمد، لو رأيت إسرافيل إن له لاثني عشر ألف جناح منها جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وإن العرش لعلى كاهله وإنه في الأحايين ليتضاءل لعظمة الله حتى يعود مثل الوصع والوصع عصفور صغير حتى ما يحمل عرش ربك إلا عظمته». و{أولو} اسم جمع لذو، كما أن هؤلاء اسم جمع لذا، ونظيرهما في المتمكنة: المخاض والخلفة. وقد مضى الكلام في {مثنى وثلاث ورباع} في {النساء} وأنه غير منصرف. {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ} أي في خلق الملائكة، في قول أكثر المفسرين، ذكره المهدوي.
وقال الحسن: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ} أي في أجنحة الملائكة ما يشاء.
وقال الزهري وابن جريج: يعني حسن الصوت. وقد مضى القول فيه في مقدمة الكتاب.
وقال الهيثم الفارسي: رأيت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في منامي، فقال: «أنت الهيثم الذي تزين القرآن بصوتك جزاك الله خيرا».
وقال قتادة: {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ} الملاحة في العينين والحسن في الأنف والحلاوة في الفم.
وقيل: الخط الحسن.
وقال مهاجر الكلاعي قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الخط الحسن يزيد الكلام وضوحا».
وقيل: الوجه الحسن. وقيل في الخبر في هذه الآية: هو الوجه الحسن والصوت الحسن والشعر الحسن، ذكره القشيري. النقاش: هو الشعر الجعد.
وقيل: العقل والتمييز.
وقيل: العلوم والصنائع. {إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} من النقصان والزيادة. الزمخشري: والآية مطلقة تتناول كل زيادة في الخلق، من طول قامة، واعتدال صورة، وتمام في الأعضاء، وقوه في البطش، وحصافة في العقل، وجزالة في الرأي، وجرأة في القلب، وسماحة في النفس، وذلاقة في اللسان، ولباقة في التكلم، وحسن تأت في مزاولة الأمور، وما أشبه ذلك مما لا يحيط به وصف.

.تفسير الآية رقم (2):

{ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (2)}
وأجاز النحويون في غير القرآن {فلا ممسك له} على لفظ {ما} و{لَها} على المعنى. وأجازوا {وما يمسك فلا مرسل لها} وأجازوا {ما يفتح الله للناس من رحمة} بالرفع تكون {ما} بمعنى الذي. أي إن الرسل بعثوا رحمة للناس فلا يقدر على إرسالهم غير الله.
وقيل: ما يأتيهم به الله من مطر أو رزق فلا يقدر أحد أن يمسكه، وما يمسك من ذلك فلا يقد أحد على أن يرسله.
وقيل: هو الدعاء: قاله الضحاك. ابن عباس: من توبة.
وقيل: من توفيق وهداية. قلت: ولفظ الرحمة يجمع ذلك إذ هي منكرة للاشاعة والإبهام، فهي متناولة لكل رحمة على البدل، فهو عام في جميع ما ذكر.
وفي موطأ مالك: أنه بلغه أن أبا هريرة كان يقول إذا أصبح وقد مطر الناس: مطرنا بنوء الفتح، ثم يتلو هذه الآية {ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها}. {وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} تقدم.

.تفسير الآية رقم (3):

{يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)}
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} معنى هذا الذكر الشكر. {هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} يجوز في {غَيْرُ} الرفع والنصب والخفض، فالرفع من وجهين: أحدهما: بمعنى هل من خالق إلا الله، بمعنى ما خالق إلا الله. والوجه الثاني: أن يكون نعتا على الموضع، لان المعنى: هل خالق غير الله، و{مِنْ} زائدة. والنصب على الاستثناء.
والخفض، على اللفظ. قال حميد الطويل: قلت للحسن: من خلق الشر؟ فقال سبحان الله! هل من خالق غير الله عز وجل، خلق الخير والشر. وقرأ حمزة والكسائي: {هل من خالق غير الله} بالخفض. الباقون بالرفع. أي المطر. أي النبات. من الافك بالفتح وهو الصرف، يقال: ما افكك عن كذا، أي ما صرفك عنه.
وقيل: من الافك بالكسر وهو الكذب، ويرجع هذا أيضا إلى ما تقدم، لأنه قول مصروف عن الصدق والصواب، أي من أين يقع لكم التكذيب بتوحيد الله. والآية حجة على القدرية لأنه نفى خالقا غير الله وهم يثبتون معه خالقين، على ما تقدم في غير موضع.

.تفسير الآية رقم (4):

{وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (4)}
قوله تعالى: {وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ}. يعني كفار قريش. يعزي نبيه ويسليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليتأسى بمن قبله في الصبر. قرأ الحسن والأعرج ويعقوب وابن عامر وأبو حيوة وابن محيصن وحميد والأعمش وحمزة ويحيى والكسائي وخلف بفتح التاء على أنه مسمى الفاعل. وأختاره أبو عبيد لقول تعالى: {أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [الشورى: 53] الباقون {تُرْجَعُ} على الفعل المجهول.

.تفسير الآية رقم (5):

{يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (5)}
قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ}. قوله تعالى: {يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ} هذا وعظ للمكذبين للرسول بعد إيضاح الدليل على صحة قوله: إن البعث والثواب والعقاب حق. قال سعيد بن جبير: غرور الحياة الدنيا أن يشتغل الإنسان بنعيمها ولذاتها عن عمل الآخرة، حتى يقول: يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي. قال ابن السكيت وأبو حاتم: {الْغَرُورُ} الشيطان. وغرور جمع غر، وغر مصدر. ويكون {الغرور} مصدرا وهو بعيد عند غير أبي إسحاق، لان {غررته} متعد، والمصدر المتعدي إنما هو على فعل، نحو: ضربته ضربا، إلا في أشياء يسيرة لا يقاس عليها، قالوا: لزمته لزوما، ونهكه المرض نهوكا. فأما معنى الحرف فأحسن ما قيل فيه ما قاله سعيد بن جبير، قال: الغرور بالله أن يكون الإنسان يعمل بالمعاصي ثم يتمنى على الله المغفرة. وقراءة العامة {الْغَرُورُ} بفتح الغين وهو الشيطان، أي لا يغرنكم بوساوسه في أنه يتجاوز عنكم لفضلكم. وقرأ أبو حيوة وأبو المال العدوي ومحمد بن المقع {الغرور} برفع الغين وهو الباطل، أي لا يغرنكم الباطل.
وقال ابن السكيت: والغرور بالضم ما اغتر به من متاع الدنيا. قال الزجاج: ويجوز أن يكون الغرور جمع غار، مثل قاعد وقعود. النحاس: أو جمع غر، أو يشبه بقولهم: نهكه المرض نهوكا ولزمه لزوما. الزمخشري: أو مصدر {غره} كاللزوم والنهوك.

.تفسير الآيات (6- 7):

{إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ (6) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ (7)}
قوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا}. أي فعادوه ولا تطيعوه. ويدلكم على عداوته إخراجه أباكم من الجنة، وضمانه إضلالكم في قول: {وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ} [النساء: 119] الآية. وقوله: {لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 17- 16] الآية. فأخبرنا عز وجل أن الشيطان لنا عدو مبين، واقتص علينا قصته، وما فعل بأبينا آدم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وكيف أنتدب لعداوتنا وغرورنا من قبل وجودنا وبعده، ونحن على ذلك نتولاه ونطيعه فيما يريد منا مما فيه هلاكنا. وكان الفضيل بن عياض يقول: يا كذاب يا مفتر، أتق الله ولا تسب الشيطان في العلانية وأنت صديقه في السر.
وقال ابن السماك: يا عجبا لمن عصى المحسن بعد معرفته بإحسانه! وأطاع اللعين بعد معرفته بعداوته! وقد مضى هذا المعنى في البقرة مجودا. و{عدو} في قوله: {إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ} يجوز أن يكون بمعنى معاد، فيثنى ويجمع ويؤنث. ويكون بمعنى النسب فيكون موحدا بكل حال، كما قال عز وجل: {فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي} [الشعراء: 77].
وفي المؤنث على هذا أيضا عدو. النحاس: فأما قول بعض النحويين إن الواو خفية فجاءوا بالهاء فخطأ، بل الواو حرف جلد. {إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ} كفت {ما} {إن} عن العمل فوقع بعدها الفعل. {حزبه} أي أشياعه. {لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ} فهذه عداوته. {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} يكون {الَّذِينَ} بدلا من {أَصْحابِ} فيكون في موضع خفض، أو يكون بدلا من {حِزْبَهُ} فيكون في موضع نصب، أو يكون بدلا من الواو فكون في موضع رفع وقول رابع وهو أحسنها يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون خبره {لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ}، وكأنه. سبحانه بين حال موافقته ومخالفته، ويكون الكلام قد تم في قوله: {مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ} ثم ابتدأ فقال: {الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ}. في موضع رفع بالابتداء أيضا، وخبره {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أي لذنوبهم. {وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} وهو الجنة.